هلوسات جوقة التوابين والمهرولين وراء امتيازات السلطة البحرينية ..
تعتقد جوقة ” التوابين ” الذين ظلوا يصفون أنفسهم بالمعارضين لنظام الحكم الخليفي الدكتاتوري، في البحرين، من جميع الألوان السياسية والحقوقية والمدينة والاعلامية، وحاولوا أن يتصدروا الواجهة في صفوف المعارضة البحرينية، والذين كشفوا عن اقنعتهم الحقيقية بكل صراحة ووضوح، بعد موت رئيس مجلس الوزراء، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، عبر توجيه رسائل التعزية، إلى أسرته، وتبييض تاريخه الملطخ بدماء الأبرياء من شعب البحرين، على امتداد اكثر من 51 سنة من الزمن، ظل يستخدم خلالها سلطة الحديد والنار، واحتكار العائلة لسلطة اتخاد القرار، ومحاولات تركيع الشعب من دون أي قوقف، بالإضافة إلى رفضه لإجراء اي حوار وطني مسؤول، مع مختلف قوى المعارضة الوطنية والإسلامية، التي عملت بكل الوسائل الشرعية لوقف المسارات الحمقاء والأخطاء الفاضحة والفاحشة والطائشة، التي مورست طوال فترة حكمه، والتي عرضت جوهر مستقبل البلاد للخطر، ودفعت بالمنظمات الديمقراطية والحقوقية الدولية لتوجيه اشد الاعتراضات والانتقادات للبحرين، بسبب غياب الديمقراطية والحكم الدستوري وحقوق الإنسان.
واعتبروا ان تنصيب ولي العهد، سلمان بن حمد بن عيسى ال خليفة، رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، كان بمثابة صحوة، وانه أمر ذو أهمية تاريخية بالغة ومعلم مهم في طريق التعايش السلمي المجتمعي، التي مزقته الخلافات والانقسامات الطائفية والنذهبية، وهذا يعتبر بحذ ذاته من وجهة نظرهم، انجاز عظيم وتاريخي للبحرين، التي عانت من فقدان الثقة المطلقة والصادقة، بين الحكم والمجتمع، عبر كل تلك العقود، وبشروا الناس بانبثاق عصر جديد من الحرية والديمقراطية والحكم الدستوري وحقوق الإنسان، تتماسك فيه لحمة الوحدة الوطنية، وتنسي الناس ماضي مسيرة القمع التاريخية المعتمة، التي شهدتها البلاد عبر كل تلك العقود، وذلك من خلال الكثير من الأفكار والتوجهات الجديدة، التي ربما يفترض أن يطرحها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الجديد، بعد فترة انتقالية قصيرة، والتي يمكن أن تتيح شق الطريق للمستقبل الواعد للبحرين، وتواكب به عصر التقدم والنهضة العالمية.
ناسين او متناسين، في نفس الوقت، بأن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الجديد، الذي يروجون اليوم لقيام مشروعه الإصلاح المأمول، كان شريكا رئيسيا وفاعلا في السياسة البحرينية، التي تميزت كل سنواتها بصرامة القمع والاضطهاد والعسف العام، وحاصرت بقوة مطلقة وصارمة، مختلف قوى المعارضة الوطنية والإسلامية، وأغلقت عليها جميع الأبواب، ودمرت قدرتها الذاتية والسياسية والمعنوية، من طرح برامجها ومشاريعها الوطنية، وقضت على جميع مطالبها التحريرية المشروعة، بواسطة قوة الحديد والنار.
وفي وقت اخدت تتصاعد فيه مظاهر الكراهية والحقد، على مختلف قوى المعارضة، التي تمسكت بمبادئها وباخلاصها للقضية الوطنية، ولم تغري قادتها الاصلاء والمخلصين، لا كنوز الذهب والفضة، ولا حتى الامتيازات الرفيعة والهائلة، بقدر ما كانت هذه القوى تطالب بالمشاركة المحقة والمشروعة بحسب القوانين والدستور، في صنع قرارات الدولة والمجتمع، ولذلك فإنه من غير البديهي أن يعتقدوا بأن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، سيكون قادرا في لحظة اختبار تاريخية، ان يتعالى قليلا، ويضع جانبا كل ترسبات الماضي القمعي، والخصومات والاحقاد، التي ظهرت واضحة للعيان على ارض الواقع، ضد كل من ناهض وقاوم سياسات السلطة والحكم، والعمل بكل أريحية مع خصوم العائلة السابقين منهم واللاحقين، وحتى بأقل حد من التنسيق، من أجل التغيير المنشود إلى الأمام، فهدا وهم وخداع، يجب أن لا تحسب له هذه الجوقة، اي حساب.
وأنه عندما تعقد هذه الجوقة الأمل على مشاريع واهمة للمستقبل، وتعبر عن اشد تفاؤولها بمستقبل مزدهر للبلاد، وينسي الناس، اوجاعهم واحزانهم وكوارثهم، التي تسبب بها ذلك النظام الاعوج، والمستهتر بكل القيم، وتبدي استعدادها للمصالحة، والتعاون مع مشروع ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، وتعترف بنظام الحكم المطلق للعائلة الخليفية المستبدة، التي أرهقت سياساتها الظالمة والحاقدة، كاهل الدولة والمحتمع، وحطمت كل احلام الشعب، في العيش في وطن حر ولا يرتجف فيه الأمل، فانها بذلك تكون قد ضربت بعرض الحائط قيم المجتمع وكل نضالاته وتضحياته السابقة والانية، وتحولت إلى شريك في نشر الدعايات الكاذبة والملفقة والمغرضة، التي يروج لها عبر صحافته الصفراء، وإعلاناته المدفوعة الثمن، واصوات ابواقه الهدرة، في الداخل والخارج، التي تظل توهم الناس باقتراب بزوغ فجر جديد، في البحرين .
وفي التصريحات الرسمية، التي انطلقت على لسان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، إلى مختلف وسائل الإعلام المحلية والاجنبية، بعد تربعه على منصب رئيس مجلس الوزراء، مباشرة، كان يقول بأنه سوف يكون هناك تغيير مرتقب، على صعيد السياستين الداخلية والخارجية، وانه ينتظر فقط، ان تتضح الأمور على الأرض، وتكون هناك فرصة سانحة لاحراء التغيير المطلوب، وهذا في الظاهر، وأما في باطن الأمور، فإن الوضع لن يتغير إلى الأفضل، هذا إذا لم يكن إلى الأسوأ، فليس من المعقول أن يكون ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، التي تشبعت كل أفكاره وهواجسه وثقافته بماضي الأجداد الأوائل للعائلة الحاكمة، وظل مساهما اساسيا في صنع قرارات الدولة القمعية، ومتفرجا على المجازر والاهوال، التي عانى من خلالها شعب البحرين، من دون أن يرف له جفن، على إستعداد للتنازل عن اية مصلحة سياسية كانت، او اقتصادية، أو أمنية حيوية، من أجل سواد عيون المعارضة، وجعلها شريكا اساسيا في صنع قرارات الدولة او المجتمع، حتى لو كانت قد التزمت بالامتناع عن استخدام نفودها لمنع هيجان الشارع الملتهب، وهي ما كانت بعض قوى هذه المعارضة، مستعدة للقبول به، حتى في وجود تحسن طفيف وتدريجي، في سياسات السلطة.
ولكن على الرغم من ذلك لاتزال السلطة متمسكة بتلابيب مشاريعها الخاطئة والطائشة والقمعية، ولا يمكن لها قبول اي شيء، قد يمس بثوابتها التاريخية، ويناقض سياساتها الحالية، وكذلك اللاحقة، لأنها قد وضعت عمليا كافة الأسس الصلبة لاستمرار بقائها وحدها فقط في السلطة والحكم، من دون مشاركة الآخرين، وهي بذلك لم تعد في مسيس الحاجة الضرورية والملحة للغاية، في إجراء اي تغيير جذري في هذه السياسة القائمة، والبرمجة على مقاسات اهوائها واهدافها ومراميها، بل وانها سوف تحافظ عليها مهما واجهت من محن، ومن هبوب رياح المطالبة الشعبية بحدوث التغيير، وذلك باعتبار أن إنجازاتها، قد تكرست وتعززت، واصبحت تاريخية عظيمة، وذلك بما تعتبره بفضل توجهات ” القيادة السياسية الرشيدة والحكمة” التي سهرت على الدوام على راحة المجتمع، ووفرت له كل اسباب العيش الرغيد، ومستلزمات الحماية الامنية.
وأنه ربما كان مفاجئا جدا لشعب البحرين، الذي عانى الأمرين، في ظل الحكم الدكتاتوري لعائلة آل خليفة، وعول على قوى المعارضة الوطنية، في تحقيق الانتصار على الظلم، أن يرى جوقة المطبلين والمزمرين والتوابين، والراقصين على جثث ضحايا النضال الوطني، الذين اعتبروا أنفسهم كشركاء مهمين في ساحتة، مبتهجين اليوم بما هو مأمول ومنتظر من ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، سلمان بن حمد بن عيسى ال خليفة، والتصديق بوعوده البراقة، التي كان قد وعد بها من قبله، والده حاكم البحرين، حمد بن عيسى ال خليفة، واخل بها وانقلب عليها في لحظة مباغتة، وضرب بها عرض الحائط، عندما حان وقت الوفاء بتحقيقها، ووقت الحقيقة، وبحيث لم يعد في وسع أفراد تلك الجوقة، أن يسألوا حتى عن مكاشفة ومسائلة ومحاسبة جميع المجرمين، الذين حطموا آمال الشعب وقوة ارادته، وتعمدوا في زهق الأرواح وسقوط كواكب من الشهداء الأبرار، الذين دافعوا بشراسة عن قيم المجتمع وحريته وسلامته ومستقبله، وعن مصير جميع المعتقلين من المواطنين، التي مابرحت تغص بهم سجون البلاد ومعتقلاتها المظلمة والمعتمة، ولا عن الآلاف العوائل البحرينية، التي ضاقت بوجودهم ساحات المنافي البعيدة حول العالم، ويعانون بشدة، من فراق الوطن والاحبة والأهل .
هذا يجب أن يثير القلق، حيث تحاول تلك الجوقة، أن تشذ عن مسار الغالبية الشعبية، التي ترفض سياسات احتكار السلطة والحكم الفئوي الخليفي، وسياسات البطش الممنهجة وزهق الأرواح، وتسقط من أيادي المعارضة، التي ناضلت بجهد، وقدمت الكثير من التضحيات الجسام، وكواكب من الشهداء الأبرار، وتريد أن تسحب من تحت اقدامها البساط في عمليات صنع القرار، وتستفرد هي وحدها بتقرير مصير البلاد والعباد.
هذه خيانة للطريق، الذي شقه المناضلين البحرينيين العظماء والشرفاء والمخلصين، السابقين منهم، والراهنيين، وانحطاط أخلاقي، من أفراد تلك الجوقة، التي غلبت مصالحها الذاتية، على مصالح الناس، الذين ربما قد وثقوا بشعاراتهم واقوالهم، وتركوهم في الخلف، وراحوا يبحثون عن كنوز السلطة وامتيازاتها، وبكل صراحة نقولها لجميع من باعوا ضمائرهم، وتخلوا عن مناصرة الشعب المسحوق والمضطهد، إنتم تذمرون اليوم باياديكم، ماضي التاريخ الذي صنعتموه، هذا إذا كان لكم تاريخ، بسبب اليأس والاحباط الذي اصابكم، والرغبة في الوصول إلى كراسي السلطة وامتيازاتها، وانتم ذاهبون إلى المجهول، فلا تبيعوننا أبدا أية اوهام أو مبررات، لأنكم اخترتم بأنفسكم جادة الطريق الخطأ، وعليكم أن تسكتوا، أو أن تتحملوا وزر أعمالكم .
هاني الريس
21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020