” مقابر جماعية لأكثر من 15 مليون من حيوانات المنك في الدنمارك”.. و وزير الاغذية والثروة السمكية، يستقيل من منصبه تحت ضغوط مكثفة من البرلمان ..
بعد مضى أكثر من أسبوعين، على قرار الحكومة الدنماركية، بقتل جميع حيوانات المنك في البلاد، والتي كانت اعدادها تتجاوز اكثر من 15 مليون حيوان، وإرسال قرابة 200.000 الف حيوان منك اخرين، إلى المحاجر الصحية في عموم البلاد، وذلك تحت ذريعة ان السلطات الصحية الدنماركية وجدت أن عدوى وباء كورونا الفتاك ينتشر في حضائر ومزارع تربية هذه الحيوانات. دار هناك جدل محموم في اوساط المجتمع الدنماركي، وداخل اروقة البرلمان، حول فحوى القرار الحكومي الخطير، ومن هو الذي أصدر الأمر بقتل كل هذا العدد الهائل من حيوانات المنك في الدنمارك ؟ وخلال جلسة عاصفة في البرلمان الدنماركي، اتهمت الاحزاب الداعمة للحكومة واحزاب المعارضة على حد سواء، الحكومة الدنماركية، بالتسرع جدا في اتخاد هذا القرار، وقالت: انه لا يتمتع باي أساس قانوني واضح، وعليه يجب مكاشفة ومحاسبة جميع المتسببين باعدام هذه الحيوانات، وقطع أرزاق المزارعين، الذين يعملون على تربيتها وتسويقها في السوق المحلية، و على صعيد الاسواق الخارجية، وبعد جلسات نقاش مطولة وصاخبة، في قاعة البرلمان، بين أحزاب الدعم والمعارضة وبين الحكومة، اعترفت الأخيرة بأنها في الحقيقة اصدرت قرارا متسرعا في هذا الأمر، وليس خاطئا بالضرورة، وذلك جاء بناءاً على توارد انباء خطيرة للغاية، تفيذ بأن حيوانات المنك في الدنمارك، مصابة بالوباء الخطير، وقد يمكن لهذه الاصابات، ان تشكل مخاطر كبيرة على الصحة العامة في الدنمارك، لدرجة إنه كان لابد من أنها تتخذ قرارا عاجلا وملحا لقتل جميع هذه الحيوانات، لأنها ليست هي فقط مسؤولة بالدرجة الأولى والأخيرة عن الوقاية الشديدة والصحة العامة في الدنمارك، بل أن لديها أيضا مسؤولية كبيرة جدا تجاه العالم .
مؤتمر صحفي :
وفي مؤتمر صحفي لرئيسة الوزراء، ميتي فريدريكسن، عقد في مقر الحكومة، قالت رئيسة الوزراء :” إنه بالنسبة لنا كحكومة يحق لنا أن نفعل بكل ما في وسعنا من جهود لضمان احتواء العدوى الظاهرة وعدم انتشارها بشكل سريع وخطير في البلاد، وهذا قد تطلب منا قرارا حازما وقاطعا وسريعا للغاية، ولذلك كان من الضرورة بمكان، أن نعلن عن اعدام جميع حيوانات المنك في الدنمارك، ومن دون أي تردد او تأخير، أو انتظار اي تشريع جديد، نظر لخطورة الوضع، وتدارك الموقف، الذي ربما قد يتسبب للمجتمع بأكبر الكوارث الصحية في هذا الوقت، والتي قد تكلفه دفع اثمان باهضة للغاية في هذا الشأن، بالإضافة إلى حجم الانتقادات المحلية والدولية العارمة، التي ستواجه الدنمارك، إذا ما تدهورت كثيرآ صحة المجتمع .
قرار متسرع، وليس له اساس من الوجهة القانونية :
من جانبها، تصدت الاحزاب الداعمة للحكومة، واحزاب المعارضة على حد سواء، لقرار الحكومة، بسيل كبير من الانتقادات الحادة، واتهمتها باتخاد قرار خاطئ للغاية، و لم يكن يحظى بأية مصوغات، او مبررات قانونية، وطالبت ليس فقط باقالة وزير الغذاء والثروة السمكية والمساواة بين الجنسين، موغنس جنسن، التي تفجرت بسبب قراراته المتسرع والخاطئة ” فضيحة المنك” بل أيضا كبار المسؤولين في وزارته، وكذلك رئيسة الوزراء، ميتي فريدريكسن، التي حملتها أحزاب الكتلة الزرقاء المعارضة في البرلمان، كامل المسؤولية، عن كل ماحدث بشأن حيوانات المنك في البلاد، وتدهور أوضاع المزارعين الاقتصادية والمالية، وتخويف الناس من انتشار سريع للوباء، ولكن الأمر الجدلي الشديد، قد انتهى عندما اعترفت الحكومة باخطائها، وقدمت عتذارا للمجتمع ، ولجميع من تضرروا من جراء هذا الخطأ ( غير المقصود والمتسرع جدآ ) وقام بعدها، وزيز الأغذية والزراعة والثروة السمكية والمساواة بين الجنسين، موغنس جنسن، الذي كان قد برر في بدايه الأمر، موقفه من قرار إعدام جميع حيوانات المنك، بأنه لم يكن على علم بأن هذا القرار لا يستند إلى نصوص او بنود قانونية، عندما اتخدت الحكومة هذا القرار بالإجماع، وأعلن عن تقديم استقالته، من منصبه، بعد أن وجد نفسه وحيدا أمام عاصفة الانتقادات والاحتجاجات، التي طالبته بتسريع تقديم استقالته من المنصب الوزاري، وقال بعدها، أنه يتحمل وحده المسؤولية الكاملة، عن جميع الأخطاء البالغة، التي ارتكبتها وزارته، وقدم اعتذاره للجميع .
تغيير وزاري :
وبعد استقاله وزيز الغذاء والثروة السمكية والمساواة بين الجنسين، موغنس جنسن، أعلنت رئيسة الوزراء، ميتي فريدريكسن، مباشرة، عن حدوث تغيير وزاري، وهو الأول في تاريخ هذه الحكومة، التي تسلمت مفاتيح السلطة في الدنمارك، بعد انتخابات العام 2019، واصدرت فرمانا حكوميا، في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، تم بموجبه، تعيين وزيرين جديدين في الحكومة، وهما، راسموس بريهن، التي انيطت به حقيبة وزارة الأغذية والزراعة والثروة السمكية، وهو يعتبر واحدا من الفرسان القدامى المناضلين في صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو عالم اجتماع ومؤلف، ويوصف داخل الحزب بأنه صاحب نظرة ثاقبة على المستوى الدولي، وله اهتمام كبير بالفن وقضايا التصميم الفوتوغرافي، ويعتبر رجلا موثوقا به في اوساط الحزب، وكانت تربطه علاقة نضال سياسية، وطلابية طويلة، مع رئيسة الوزراء الحالية، ميتي فريدريكسن، عندما كانوا يتلقون علومهم في الجامعة، وكانوا في صدارة القائمة الطلابية في إتحاد الطلبة والشباب التابع للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في مدينة البورغ، و الوزير الاخر، هو فليمنغ مولر مورتسن، الذي تسلم حقيبة وزارة التعاون الانمائي والتعاون بين دول الشمال الاسكندنافي، وهو سياسي دنماركي، وعضو برلمان، وكان يتزعم تكتل الاشتراكيين الديمقراطيين، في البرلمان الدنماركي، قبل تعيينه في هذا المنصب الوزاري الجديد .
هاني الريس
19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020